113 - لكنه أحسَّ في نفسه بعض الحاجة إلى ما عند علماء الشام، مما لعله لم يظفر به في المدينة المنورة، فتوجه يريدها عن طريق البصرة. فلما وصل البصرة أخذ يستقصى أخبار من فيها من أهل العلم، حتى دُلَّ على من عُرِفَ فيها بذلك، فجلس إليهم، وأخذ عنهم حاجته.

114 - فمن أولئك: الشيخ محمد المجموعي، قرأ عليه الكثير من كتب اللغة والحديث. ثم ما لبث أن رأى في البصرة وسمع مثل ما رأى في غيرها وسمع من البدع والخرافات فأخذ ينكر ذلك، وينهى عنه أشد النهي، ويغلظ القول على فاعليه ومعتقديه.

115 - قال الشيخ "كان ناس من مشركي البصرة يأتون إليَّ بشبهات يلقونها عليَّ. فأقول، وهم قعود: لا تصلح العبادة إلا لله فيبهت كل منهم ولا ينطق فاه".

116 - فاستحسن منه ذلك الشيخ محمد المجموعي، وأعانه عليه وأيَّده، وزاد في حماسه. ثم ذاع أمر الشيخ وأمر إنكاره لما يفعله الناس عند القبور من تمسح وطواف بها ونذر لها، وما يقولونه من دعائها والتوسل بها والالتجاء إليها. فخشي سَدَنة هذه المقابر والمتأكلون بها، ومن لفَّ لَفَّهم، من المنتسبين إلى العلم ظاهراً: على ما يربحون من مال، وما ينالون من جاه عند العامة والدَّهماء، في ظل هذه القبور وببركة سر أهلها. وخافوا أن يظهر للناس جهلهم وضلالهم فتنهار من القلوب مكانتهم، فكادوا للشيخ وشوهوا دعوته، وأغروا به الرؤساء الجاهلين، والسفهاء المقلدين، فاجتمع عليه هؤلاء وهؤلاء ونالوه بأشد الأذى، وما زالوا به حتى أخرجوه من البصرة خائفا يترقب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015