تحاول يد الظلم القاسية تقييد علمه، وإطفاء نوره، ولكن الله غالب على أمره، فكان يبعث علمه، من طاقات السجن، وكان التلاميذ، ورواد منهله العذب يجلسون تحتها بمحابرهم وأوراقهم وهو يملي عليهم من حفظه، ثم قام من بعده ذلك التلميذ البار، وخلفه في جهاده حتى ملأوا الدنيا علما، وكبت الله حزب عدوه، وأذلهم في مواطن عدة.

28- وما انقضى القرن الثامن الهجري حتى كان الجو العلمي مكهربا بنظريات ابن تيمية وابن القيم، ولم يستطع حزب الطواغيت أن يحط من قدر هذين المجاهدين، ولا أن يفل من سلاحهما على كثرة ما بذل من أنواع الجهود وما اتخذ من أسباب الأذى.

29- ولقد كان من أضعف سلاحهم: الكذب والافتراء، الدال على نذالة في النفوس وحقارة، وأنه لم يبق عندهم من صفات الرجولة شيء، فقد قالوا عن شيخ الإسلام ابن تيمية: إنه مجسم ومشبه الله بخلقه، إذ قالوا كذباً أنه قال: إن الله ينزل كنزولي هذا –ونزل درجتين من المنبر- كما اتهموه هو وتلميذه ابن القيم بأنهما يحقران عباد الله الصالحين وآل بيت النبي الطاهرين، وينكران كرامات الأولياء المتقين، وقالوا غير ذلك من الأكاذيب والمفتريات التي لا تروج إلا على من فقد كل شيء من الذوق والإحساس، أما من كمله الله بالعقل والتمييز فإنه يرجع إلى كتبهم المنتشرة في كل البلاد، فلا يجد فيها إلا تنزيها لله تعالى بما نزه هو نفسه، وتوضيحا لما في القرآن والسنة النبوية من الأسماء الحسنى والصفات العليا، وصواعق مرسلة على الجهمية والمعطلة، ويرى فيها جموع الجيوش الإسلامية حشدت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015