وأقرب دليل على ذلك: أنّ اللغة العربية التي تأثرت بمجموعة من الألفاظ الفارسيّة، قد أمدّت اللغة الفارسية وغيرها من اللغات الشرقية كالأُورديّة والتركية. بل إنّ معاجم الفرس تحوي أكثر من أربعين بالمئة من الألفاظ العربيّة. وهذا التبادل اللغوي لا يعيب العربيّة، كما لا يعيب الفارسيّة؛ إذ غدت كل لغة مُزدانة بأفانينَ من أطايب لغات جاراتها (?) .
وعلى الرغم من كون الاقتراض اللغوي ظاهرة لغوية عالميّة لا تكاد تستغني عنها لغة أي أمة (?) ، إلا إنّ ثمّة مخاطر تنجم عن هذه الظاهرة في اللغة العربية، منها: ضياع القيمة التعبيريّة للجذر العربي، وتغيير البنية الصوتية العربية بإدخال أصوات غريبة عنها، وإرباك المعجميّة العربيّة، وغموض معنى المقتَرض في معاجمنا، وصعوبة ضبط اللفظ المعَرّب، وخرق القواعد الصرفية العربية، وتضييع خصائص اللغة العربية (?) .
ولكن يبقى للاقتراض اللغوي بشقّيه: المعرَّب والدخيل أثره الفاعل قديما وحديثا، ودوره الإيجابي في مسايرة الحياة والحضارة؛ حيث ظهرت مستحدثات لم يكن للعرب ولا للغتهم عهد بها من قبل، في ميادين الاقتصاد والصناعة والزراعة والتجارة والعلوم والفلسفة والدين والأدب والسياسة (?) ، ناهيك عن تطوّر المعدّات الحربيّة والقتاليّة التي أصبحت قوام الحياة العسكريّة في العصر الحديث، مما كان له أكبر الأثر في التطّور الذي طرأ على المفردات العسكريّة