ودخل في الإسلام -بجانب هؤلاء- أصناف من الناس أولهم جماعة من العرب شاقهم إلى الإسلام -حين جاء فتح الله والنصر- دخول قومهم فيه، فدخلوه تقليداً وانسياقاً مع الجمهور، ولم تكتحل أعينهم برؤية صاحب الرسالة، ولا انشرحت صدورهم بسماع تعاليمه منه، ولا صفت قلوبهم من آثار جاهليتهم، ولا نظفت من أدرانها، فكان سواء لديهم انتصرت الدعوة الإسلامية أم لم تنتصر.

وثانيهم جماعة من عامة أهل الأديان الأخرى -على الأخص اليهودية والمجوسية- دخلوا في هذا الدين أيام الفتوح التي أخضعت الدولتين الكبيرتين اليونانية والفارسية، فراراً من حكم الإسلام على من يبقى على دينه منهم1، ولم تخالط بشاشة هذا الدين قلوبهم ... ولا استأصلت من أنفسهم أعلاق الحنين إلى دينهم القديم ...

وثالثهم جماعة من دهاة الأديان الأخرى ذوو الخبث والمكر منهم-وعلى الأخص اليهودية والمجوسية أيضاً- تظاهروا بالدخول في الدين الجديد، وهم يضمرون في أنفسهم الكيد والمكر والخديعة، ويتحينون الفرصة للانقضاض على هذا الدين الذي بسط سلطانه على رقعة الأرض المعروفة يوم ذاك، ويعملون في الخفاء لإيجاد هذه الفرصة إن لم تواتهم من تلقاء نفسها، ويهيئون أذهان الطائفتين السابقتين وقلوبهم وجهودهم،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015