فهذه الشمولية تجلي للفرد والمجتمع التوازن والانسجام في الفكر والنفس والعمل، الذي هو أهم مقومات الحياة السعيدة المثمرة. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال:24] .

فكانت الرسالة المحمدية رحمة من الله للناس لتخليصهم من تلك الجاهليات التي جثمت على قلوبهم، ولوثت أفكارهم دهراً طويلاً.

لقد عاش الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة النبوية يؤسس للمجتمع المسلم، ويقيم جميع شئونه على منهج الله، ولم ينتقل صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربه إلا وقد تحول الإسلام بكل ما فيه من عقائد وتعاليم وأخلاق إلى واقع حي، تظهر مظاهره وثماره في الأفكار والقلوب والسلوك.

وبعده صلى الله عليه وسلم رسّخ الخلفاء الراشدون هذا الواقع، ووسعوا دائرته بالفتوحات الإسلامية، سعياً لتخليص البشر من الجاهليات، وما نتج عنها من ظلم وشقاء، وما هي إلى سنوات قليلة، حتى خلص المسلمون كثيراًَ من شعوب الأرض من الحكومات والجيوش التي كانت تحول بينهم وبين نور الإيمان، فدخل كثير من الناس في دين الله أفواجاً، وحل الأمن والعدل مكان الخوف والظلم والطغيان، وظهرت آثار تلك العقائد السامية الصافية، والتعاليم السديدة الرشيدة، صفاء في العقول، وسلامة في التفكير، وطمأنينة في القلوب، وصلاحاً في السلوك والأعمال، ونتج عن ذلك أعظم وأسمى حضارة عرفتها البشرية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015