على كشف ما نزل منها، وكلما زادت معرفته بالأخطار كان قلقه وحاجته إلى الحماية والإعانة أشد، كما أنه محتاج إلى أن يعرف الاستجابة المناسبة الصحيحة لما يجري عليه أو حوله من أقدار الله. فإذا تحققت هذه المطالب سكن القلب واطمأن، وإلا كان مضطرباً قلقاً بقدر ما نقص منها. فأين يجد الإنسان ما يسد حاجة قلبه وقلق نفسه؟
لا شك أن هذه الأمور -لأهميتها وكثرة تخبط البشر في تحديدها- جاء بيانها في الوحي المطهر بياناً كشف جميع جوانبها وطرق تحصيلها، والعلم الذي يحصل به الإيمان بالله والعمل بموجبه كفيل بإشباع القلب وإرواء النفس لما ترنو إليه.
"إن في فطرة الإنسان فراغاً لا يملؤه علم، ولا ثقافة، ولا فلسفة، إنما يملؤه الإيمان بالله جل وعلا.
وستظل الفطرة السليمة تحس بالتوتر والجوع والظمأ حتى تجد الله وتؤمن به، وتتوجه إليه، هناك تستريح من تعب، وترتوي من ظمأ، وتأمن من خوف، هناك تحس بالهداية بعد الحيرة، والاستقرار بعد التخبط، والاطمئنان بعد القلق، ووجدان المنزل والأهل بعد طول الغربة والضرب في أرض التيه"1.