هذه المسألة مهمة جداً، وهي: هل دلالة العام على أفراده دلالة ظنية أم دلالة قطعية؟ اختلف العلماء في هذا فقال الأحناف: دلالة العام على أفراد العموم دلالة قطعية وليست دلالة ظنية؛ لأنه لا عبرة بالدليل الناشئ عن الاحتمال، فتكون دلالته على أفراده قطعية وكلمة أفراده المراد بها: من يدخلون تحت لفظ العموم ويصح أن يكونوا مرادين بالنص العام.
وقيل: إن دلالة العام على أفراده ظنية؛ لإمكانية طروء احتمال ناشئ، وإذا كان الاحتمال ناشئاً فتكون الدلالة ظنية وليست قطعية، أما الأحناف فقالوا: إذا قال: أكرم الطلبة، فدلالته على كل الطلبة دلالة قطعية، ولا نقول بوجود احتمال إلا أن يأتي الدليل، وهذا الكلام من القوة بمكان، والذي يشهد لجمهور العلم أنه ما من عام إلا وجاءه المخصص، ولذلك قعد العلماء قاعدة (ما من عام إلا قد خصص)، فدليلهم شيوع الخصوص في العموم، وكذلك قول الله تعالى: {فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} [الحجر:30] فكلمة (أجمعون) للتأكيد، والتأكيد يأتي لقطع الاحتمال، فلا يوجد احتمال أن يخرج ملك واحد عن السجود، وعندما احتاج ذلك للتأكيد دل على أن الاحتمال قائم بدون التأكيد، وهذه دلالة على أن العام دلالته ظنية.
والراجح هو قول الجمهور.