المسألة الثالثة: زنى رجل بامرأة فأنجبت من هذا الزنا بنتاً، فهل له أن يتزوج بهذه البنت؟ هذه مسألة فقهية شديدة الخلاف.
فهل تسمى ابنته وتنسب له أم لا تنسب؟ لا تنسب له؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الولد للفراش وللعاهر الحجر)، والفراش معناه فراش الزوجية، فالشافعية قالوا: يجوز أن يتزوج بها؛ لأن الحرام لا يحرم حلالاً، وهي ليست ببنته أصلاً؛ لأن الولد للفراش.
وقال الجمهور: لا يجوز له أن يتزوجها؛ لأنها من مائه.
وأقول: في الحقيقة أن مذهب الشافعية قوي، لكن إذا قلنا بالأثر والاستنباط والفطرة وجمعنا أدلتنا فإن هناك دليلاً واحداً يرد على مذهب الشافعية، وهو لبن الفحل، فلو أن رجلاً تزوج امرأة فأنجبت منه، ثم طلق تلك المرأة، فثاب اللبن في ثديها من أثر جماعه، وهذه المرأة بعدما أنجبت ذهبت وأرضعت بنتاً، فهل تكون بنتاً له من الرضاع أم لا، مع أنه قد طلق المرأة التي أرضعت؟ الصحيح الراجح أن لبن الفحل متسبب في كونها بنته من الرضاع.
إذاً: لبن الفحل يحرم البنت عليه، فمن باب أولى أن تكون التي ولدت من مائه حراماً عليه، وهذه المسألة تكون مستثناة من القاعدة الصحيحة التي قعدها الشافعية وهي: أن الحرام لا يحرم حلالاً، فيكون الصحيح الراجح أن البنت من ماء الزاني لا يجوز له أن يتزوجها؛ للبن الفحل.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.