من أمثلة الاختلاف في فهم النص: زكاة الغنم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يجمع بين مفترق من أجل الصدقة، ولا يفرق بين مجتمع من أجل الصدقة) لما تكلم النبي صلى الله عليه وسلم عن زكاة الخليطين فهم الشافعي وأحمد الخلطة خلاف ما فهمه أبو حنيفة ومالك.
فـ الشافعي وأحمد فهما من قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يجمع بين مفترق من أجل الصدقة ولا يفرق بين مجتمع من أجل الصدقة) أنه إذا كان للمرء أربعون شاة واختلط مع غيره ومعه أربعون شاة بحيث يكون المكان الذي يبيت فيه الغنم واحداً، ويكون المراح والمطرح والشراب والفحل واحداً، فهنا يخرجان شاة واحدة فقط يقتسمانها بينهما، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فالقسمة بينهما بالسوية) مع أنهما لو لم يختلطا للزم كل واحد منهما شاة واحدة، وكذلك إذا كانوا ثلاثة كل واحد معه أربعون شاة فصارت مائة وعشرين، والمائة والعشرون عليها شاة واحدة؛ لأن النصاب مائة وواحد وعشرون فيها شاتان، لكن معهم مائة وعشرون فلا يجب عليهم إلا واحدة.
إذاً: لا يؤخذ منهم إلا واحدة ما داموا مجتمعين، لكن بشرط أن يكون المكان والمراح والمطعم والمشرب واحداً، لكن لو تفرقوا وصار مع كل واحد منهم أربعون شاة، فإنه يكون على كل واحد منهم شاة.
هذا فهم الشافعية والحنابلة، أما أبو حنيفة فقد فهم من قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يجمع بين مفترق) أنه لو كان هناك رجل عنده ثمانون شاة، لكنه جعلها نصفين ووضع كل أربعين في مكان منفصل عن الأربعين الأخرى، فإن عليه شاتين، ولو جمع الثمانين في مكان واحد فإن عليه شاة واحدة.
إذاً: هو يفرق في المكان فقط، لكن يشترط النصاب عند الأحناف؛ لأن الله جل وعلا لما أمر بالصدقة اشترط شرطين من أجل الصدقة: أولاً: النصاب، ثانياً: حولان الحول، فقالوا: لا بد أن يكون مالكاً للنصاب، وهذا كلام من أجود الأقوال، لكن الراجح الصحيح هو قول الشافعية والحنابلة، وهو أنه إذا جمعت الغنم وبلغت النصاب ففيها الزكاة وتقسم بينهم بالسوية.
مثاله: رجل عنده ثلاثون شاة والثاني عنده خمسون والثالث عنده أربعون، فعند الشافعية والحنابلة تقسم عليهم بالسوية، يعني: فعلى صاحب الثلاثين أقل من الثلث، والأكثر على صاحب الخمسين وأقل منه على صاحب الأربعين، كل بسهمه، وعند المالكية عليهم شاة واحدة، لكن قالوا: صاحب الثلاثين لا يقسم عليه؛ لأنه لم يبلغ النصاب، لكن عند الشافعية والحنابلة لا بد أن يكون عليه جزء بالسوية، وهذا هو الراجح الصحيح.