مسألة أخرى: ما حكم المسح على الخف المغصوب؟ اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين، والقولان يرتكزان على تأصيل أصولي، وهو: هل النهي يقتضي الفساد أم لا؟ فقد نهى عن التعدي على مال الغير، قال الله جل وعلا: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة:188]، فالغصب محرم منهي عنه، فمن مسح على الخف المغصوب وصلى هل صلاته صحيحة أم لا؟ قال الحنابلة: الصلاة باطلة؛ لأن المسح أصلاً باطل، فهو لم تكتمل طهارته؛ لأن هذا الخف المغصوب وقع تحت النهي، والقاعدة: أن مطلق النهي يقتضي الفساد، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) أي باطل.
أما جمهور العلماء فنظروا في النهي فوجدوه ليس منصباً على ذات الصلاة بل على أمر خارجي، فالمسح على الخف ليس شرطاً في الصلاة، وليس ركناً من أركان الصلاة ولبس الخف ليس شرطاً في الوضوء، وليس ركناً في الوضوء، والركن هو المسح، وقد مسح فتوافرت الشروط والأركان، وصحت الصلاة خلافاً للحنابلة.