وَقَدْ أجاب ابن حزم عَلَى هَذَا الاستدلال بقوله: ((هَذَا أثر صَحِيْح إلا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نَص ببيان أن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بِذَلِكَ، فيكون ذَلِكَ حكم التيمم وفرضه، وَلاَ نَص بيان بأنه عَلَيْهِ السلام عَلِمَ بِذَلِكَ فأقره، فيكون ذَلِكَ ندباً مستحباً)) (?).

ويجاب عَلَى قَوْل ابن حزم بأن الحَدِيْث ورد فِيهِ: ((مَعَ رَسُوْل الله)) فهذا يدل عَلَى أَنَّهُ حصل بعلم النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ومثل هَذَا يعدُّ من قبيل المَرْفُوْع، قَالَ ابن الصَّلاح: ((قَوْل الصَّحَابيّ: ((كنا نفعل كَذَا أو كنا نقول كَذَا)) إن لَمْ يضفه إلى زمان رَسُوْل الله فَهُوَ من قبيل المَوْقُوْف، وإن أضافه إلى زمان رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -، فالذي قطع بِهِ أبو عَبْد الله بن البيع (?) الحافظ، وغيره من أهل الحَدِيْث وغيرهم أن ذَلِكَ من قبيل المَرْفُوْع)) (?).

لَكِنْ سبق القَوْل عن الحَدِيْث بأن بعضهم أعله بالاضطراب، وبعضهم جعله من اجتهاد عَمَّار قَبْلَ نزول آية التيمم، والله أعلم.

القَوْل الثَّانِي: ذهب الحنفية إلى أن الواجب في التيمم المسح إلى المرفقين (?)، واحتجوا بأحاديث جابر وعائشة - رضي الله عنهم - وابن عُمَر، وَقَدْ سبق النقل في تضعيفها، وبيان عللها، واحتجوا كَذلِكَ. بحديث الربيع بن بدر، عن أبيه، عن جده، عن الأسلع (?)، قَالَ: أراني كَيْفَ علّمه رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - التيمم، فضرب بكفيه الأرض، ثُمَّ نفضهما، ثُمَّ مسح بِهما وجهه، ثُمَّ أَمَرَّ عَلَى لحيته، ثُمَّ أعادهُما إلى الأرض فمسح بهما الأرض، ثُمَّ دلك إحداهما بالأخرى، ثُمَّ مسح ذراعيه ظاهرهِما وباطنهما))،هَذَا لفظ إِبْرَاهِيم الحربي، وقَالَ يَحْيَى بن إسحاق (?) في حديثه: فأراني رَسُوْل الله كَيْفَ أمسح فمسحت، قَالَ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015