وإنشائه، وكتاب المدائح النبوية له، أزيد من ثلاثة آلاف بيت، وكتاب منازل الأحباب ومنازه الألباب وغير ذلك، وكان من عباد الله الصالحين، ومن العلماء العاملين، عديم الشر بالكلية، مع ارتفاع رتبته كثير التواضع
، توفي في شهر شعبان، سنة خمس وعشرين وسبع مائة، عن إحدى وثمانين سنة تغمده الله برحمته: أنشدني العلامة أبو الثناء محمود بن سلمان لنفسه بقراءتي عليه:
أعد حديث الحمى فالركب في طرب ... وقص أنباء من بالجزع من عرب
ولا تشبه بذكرى غيرهم فبهم ... يحلوا حديثي وفيهم ينتهي أربي
كرر حديث الثنايا فهو أعذب لي ... على الظمى من رضاب الخرد العرب
فقد سرت نفخة أنشأت نسمتها ... فينا فملنا على الأكوار كالقصب
حركت ساكن شوقي بالحمى وبمن ... حل الحمى فسرى منا إلى النجب
وظل سائقها يبغي اللحاق بها ... على وجاها وما قاسته من وصب
فنحن والنوق والشهب الهداة بنا ... ثلاثة في السرى لم نؤت من لغب
إذا الكرى ذر في أجفاننا سنة ... من النعاس نفضناها على الهدب
تبدي السماء لنا معنى الحمى بسنا ... نأى قرب سفور الوجه محتجب
إذا ظمأنا توهمنا مجرتها ... نهرا طفت فيه أكواب من الشهب
كأنها روضة حفت أزاهرها ... بجدول من نمير الماء ذي شعب
أو حلت من بديع الوشي معلمة ... بالنور معقودة الأزرار من ذهب
إيها حديثك عن وادي العقيق وهل ... همت على ساحتيه أدمع السحب
وهل تبلج ثغر النور مبتسما ... على رباه لنوء فيه منتحب