وعشرين وسبع مائة، وحمل إلى القرافة فدفن جوار الإمام الشافعي، خارج شباك القبة التي فيها الإمام، ولقد كنت أسمعه كثيرا يرتاح إلى ذلك المكان، ويتمنى الدفن فيه رحمة الله عليه، وقد تخرج به أئمة كبار، وأذن في الإفتاء لأكثر من أربعين نفسا من المذاهب الأربعة، والله تعالى يجمع بيننا وبينه في دار كرامته بفضله ورحمته، وقد تقدم رواية الحديث عنه في غير موضع: وأنشدني رحمة الله عليه لنفسه بالروضة الشريفة بين القبر والمنبر، على ساكنه أفضل الصلاة والسلام:
أهواك يا ربة الأستار أهواك ... وإن تباعد عن مغنايا مغناك
وأعمل العيسى والأشواق تحملني ... عسى يساهد مغنى لي مغناكي
تشوقها نسمات الصبح سارية ... يسوقها نحو رؤياك سرياكي
تهوى بها البيد لا تخشى الضلال وقد ... هدت ببرق الثنايا من ثناياكي
يا ربة الحرم العال الأمين لمن ... وافاه من أين هذا الأمن لولاكي
قد أكثر الناس في سلع وكاظمة ... والأبرقين وليس القصد إلاكي
يا ربة الحسن ذات الخال ما نظرت ... عين المحبين أبهى من محياكي
إن شبهوا الخال بالمسك الذكي ... فهذا الخال من دونه المحكي والحاكي
أفدي بأسود قلبي نور أسوده ... من لي بتقبيله من بعد عيناكي
إني قصدتك لا ألوي على بشر ... ترمي النوى بي سراعا نحو مرماك
وقد حططت رحالي في حماك عسى ... تحط أثقال أوزاري بلقياكي
كما حططت بباب المصطفى أملي ... وقلت للنفس بالمأمول بشراكي
هذا نبي الهدى المختار من مضر ... هذا الرءوف الرحيم الطيب الزاكي