أفلا تراه كيف احتج عليهم بما ركّبه في العقول من حسن عبادته وحده، وقبح عبادة غيره؟ " (?) أ. هـ.
وقد حمل فريق من أهل العلم حجية الميثاق على: نصب الأدلة الدالة على وجوب التوحيد، وحرمة الشرك، والشاهد على صحتها العقول.
قال أبو حيان: "أي: فعلنا ذلك من نصب الأدلة الشاهدة على صحتها العقول؛ كراهة أن تقولوا يوم القيامة: إنا كنا عن هذا غافلين لم ننبه عليه، أو كراهة أن تقولوا: إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم فاقتدينا بهم؛ لأن نصب الأدلة على التوحيد وما نُبهوا عليه قائم معهم؛ فلا عذر في الإعراض عنه والإقبال على التقليد والاقتداء بالآباء، كما لا عذر لآبائهم في الشرك وأدلة التوحيد منصوبة لهم" (?) أ. هـ.
قلت: وهو معنى صحيح متفق عليه بين عامة سلف الأمة، ولكن تبقى دلالة الآية عليه تحتمله أم لا؟ وقد ذكره جمهور المفسرين: وجها من وجهين في قوله تعالى: (وَمَا لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (?).
قال الخازن: "يعني: وأي عذر لكم في ترك الإيمان بالله والرسول يدعوكم إليه، وينبهكم عليه، ويتلو عليكم الكتاب الناطق بالبرهان والحجج (وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ) أي: أخذ الله ميثاقكم حين أخرجكم من ظهر آدم عليه السلام بأن الله ربكم لا إله لكم سواه. وقيل أخذ ميثاقكم حين ركب فيكم العقول، ونصب لكم الأدلة والبراهين والحجج التي تدعوا إلى متابعة الرسول (?) أ. هـ.