جعفر بن ربيعة بلفظ "كل بني آدم يولد على الفطرة" (?). أ. هـ.
وقال قوم: ليس المراد بالفطرة: الفطر على التوحيد، وإنما المراد بها التهيئ لقبول الحق. والجواب قد مر فليراجع المبحث الثاني: الفطرة تقتضي بذاتها الإسلام والخروج عنها خلاف مقتضاها.
ويقال لأرباب هذا القول: هل الفطرة بذاتها تقتضي الإسلام، أم الإسلام متوقف على شيء خارجها؟ فإن كان الأول ثبت المطلوب؛ وإن كان الثاني، لم يبق ثم فرق بين الإسلام، والتهويد، والتنصير، والتمجيس .. بالنسبة إليها، فهي لم تجبل على أي واحد منهم، وحصوله فيها متوقف على شيء دونها. فلما لم يأت ذكر (?) للإسلام ساعة الأحداث والتغيير من قبل الأبوين، دل على أن الفطرة تقتضيه إذا خليت عن المعارض، وأن الكفر خلاف مقتضاها.
وقال الحافظ مبطلاً لقول هؤلاء: "وقال ابن القيم: ليس المراد بقوله "يولد على الفطرة" أنه خرج من بطن أمه يعلم الدين، لأن الله يقول: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً) (?). ولكن المراد: أن فطرته مقتضيه: لمعرفة دين الإسلام، ومحبته؛ فنفس الفطرة تستلزم: الإقرار والمحبة، وليس المراد قبول الفطرة لذلك، لأنه لا يتغير بتهويد الأبوين مثلاً بحيث يخرجان الفطرة عن القبول، وإنما المراد: أن كل مولود يولد على إقراره بالربوبية، فلو خلي وعدم المعارض لم يعدل عن ذلك إلى غيره، كما أنه يولد على محبة ما يلائم بدنه من ارتضاع اللبن حتى يصرفه عنه الصارف، ومن ثم شبهت الفطرة باللبن بل كانت إياه في تأويل الرؤيا. والله أعلم" (?) أ. هـ.