أن يعبد فاطره وخالقه، ولا سيما إذا كان مردّه إليه، فمبدأه منه، ومصيره إليه، وهذا يوجب عليه التفرغ لعبادته. ثم احتج عليهم بما تقر به عقولهم وفطرهم من قبح عبادة غيره، وأنها أقبح شيء في العقل وأنكره فقال: (أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ، إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (?).
أفلا تراه كيف لم يحتج عليهم بمجرد الأمر بل احتج عليهم بالعقل الصحيح ومقتضى الفطرة (?).
وقال القرطبي: (وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي) قال قتادة: قال له قومه: أنت على دينهم؟ فقال: (وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي) أي: خلقني. (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) وهذا احتجاج منه عليهم. وأضاف الفطرة إلى نفسه، لأن ذلك نعمة عليه توجب الشكر، والبعث (?) إليهم، لأن ذلك وعيد يقتضي الزجر؛ فكان إضافة النعمة إلى نفسه أظهر شكراً، وإضافة البعث إلى الكافر أبلغ أثراً". (?) أ. هـ.
وقال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي:
" (يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ) فأمرهم باتباعهم، ونصحهم على ذلك، وشهد لهم بالرسالة.
ثم ذكر تأييداً لما شهد به ودعا إليه، فقال: (اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً) أي: اتبعوا من نصحكم نصحا، يعود عليكم بالخير، وليس يريد منكم أموالكم، ولا أجراً على نصحه لكم، وإرشاده إياكم، فهذا موجب لاتباع من