قال ابن عبد البر: وهو المعروف عند عامة السلف. وأجمع أهل التأويل على أن المراد بقوله تعالى (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا): الإسلام (?) " أ. هـ.

وقال ابن القيم: "قال تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا).

فبين سبحانه أن إقامة الوجه: وهو إخلاص القصد، وبذل لوسع لدينه المتضمن محبته وعبادته حنيفاً مقبلا عليه، معرضا عما سواه هو فطرته التي فطر عليها عباده، فلو خُلّوا ودواعي فطرهم لما رغبوا عن ذلك، ولا اختاروا سواه.

ولكن غيرت الفطر وأفسدت، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - "ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء حتى تكونوا أنتم تجدعونها؟ ثم يقول أبو هريرة: اقرأوا إن شئتم (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ، مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ).

و"منيبين" نصب على الحال من المفعول أي: فطرهم منيبين إليه، والإنابة إليه تتضمن: الإقبال عليه بمحبته وحده، والإعراض عما سواه.

وفي صحيح مسلم عن عياض بن حمار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني في مقامي هذا، إنه قال: كل مال نحلته عبدا فهو له حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء فأتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطاناً، وحرمت عليهم ما أحللت لهم" (?) فأخبر سبحانه أنه إنما فطر عباده على الحنيفية المتضمنة لكمال حبه، والخضوع له، والذل له، وكمال طاعته وحده دون غيره، وهذا من الحق الذي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015