عجزه لأنفي عجزه، فجعلته عاجزاً لئلا تجعله عاجزاً، فجمعت بين النقيضين بين إثبات العجز ونفيه، وإنما لزمه هذا لأنه لا ينزه الرب عن فعل مقدور فاستوت المقدورات كلها في الجواز عليه عنده، ولم يحكم بثبوت مقدور إلا بالعادة (?) أو الخبر، والعادة يجوز انتقاضها عنده، والخبر موقوف على العلم بصدق المخبر. ولا طريق له إلى ذلك. فتعين أن كل من لم ينزه الرب عن السواء والسفه، ويصفه بالحكمة والعدل لم يمكنه أن يعلم نبوة نبي، ولا المعاد ولا صدق الرب في شيء من الأخبار" (?) أ. هـ.
وقال رحمه الله: "ولما أرادوا إثبات معجزات الأنبياء عليهم السلام. وأن الله سبحانه لا يظهرها على يد كاذب. مع تجويزهم عليه فعل كل شيء فعوا معاً (?). فقالوا لو جاز ذلك؛ لزم أن لا يقدر على تصديق من ادعى النبوة. وما لزم منه نفي القدرة كان ممتنعاً. فهذا هو المشهور عن الأشعري. وعليه اعتمد القاضي أبو بكر. وابن فورك والقاضي أبو يعلى وغيرهم. وهو مبني على مقدمات:
أحدها: أن النبوة لا تثبت إلا بما ذكروه من المعجزات، وأن الرب لا يقدر على إعلام الخلق بأن هذا نبي إلا بهذا الطريق، وأنه لا يجوز أن يعلموا ذلك ضرورة، وأن إعلام الخلق بأن هذا نبي بهذا الطريق ممكن.
فلو قيل لهم: لا نسلم أن هذا ممكن على قولكم فإنكم إذا جوزتم عليه فعل كل شيء، وإرادة كل شيء لم يكن فرق بين: أن يظهرها على يد صادق أو كاذب. ولم يكن إرسال رسول يصدقه بالمعجزات ممكناً على أصلكم. ولم يكن لكم حجة على جواز إرسال الرسول وتصديقه بالمعجزات إذ كان لا طريق عندهم إلا خلق المعجز. وهذا إنما يكون دليلاً إذا علم أنه إنما خلقه لتصديق