فارقاً بينهم، وبين المتقولين عليه.

- وهذا يبطل ما أصله النفاة: من أن الله لا يخلق شيئاً لشيء - ويلزم من هذا أن تكون معجزات رسله: خارجة عن مقدور الثقلين، وما دونها في مقدورهم ووسعهم، وإلا بطل فرقانها واختلطت الأعلام، ولزم القدح في صحة الدلالة.

قال ابن تيمية: "إن ما يأتي به السحرة والكهان، والمشركون وأهل البدع من أهل الملل، لا يخرج عن كونه مقدوراً للإنس والجن. وآيات الأنبياء لا يقدر على مثلها لا الإنس ولا الجن، كما قال تعالى: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) " (?) أ. هـ.

فمعجزات النبوة ودلائل الرسالة التي نصبها الله أعلاماً على صدق أصحابها، استحال ظهورها على أيدي غيرهم، وإلا انتفى أخص خصائص الدليل.

"والدليل يجب أن يكون مختصاً بالمدلول عليه لا يوجد مع عدمه، لا يتحقق الدليل إلا مع تحقق المدلول" (?) أ. هـ.

ومن ثم استحال خلق تلك المعجزات على أيد المتقولين على الله لموجب حكمته ورحمته وعدله، وهو مقدور له سبحانه إلا أنه منزه عن فعله.

والنفاة يجوزون حلقها على أيدي السحرة والكهان، ولا ينزهون ربهم عن فعلها إلا أن يأتي بذلك خبر.

وبذلك يلزم الدور. فبرهان المعجزات متوقف على الخبر، والخبر متوقف على برهانها.

قال ابن تيمية: "والجهمية المجبرة الذين قالوا: إن الله قد يفعل كل ممكن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015