وصرحوا بأن الشرائع لا يستدل بها على صحة الرسالات، ولا تصلح أن تكون فرقاناً بين النبيين والمتنبئين، بل يطلب الدليل عليها من غيرها. وما ذلك إلى لجواز أن يأتي رسول بشريعة تضاد وتناقض كافة شرائع النبيين الذين قد خلوا من قبله.
ونصوا على أن الله لا يفعل شيئا: لشيء، ونفوا مقتضى الحكمة الربانية والعدالة الإلهية انطلاقاً من أصولهم الفاسدة المستمدة من نفي الصفات. وأرباب تلك الترهات والأباطيل هم: الأشاعرة.
وما أعوز القوم إلى تلك الأصول الباطلة هم ومن قبلهم إلا بسبب قياسهم الفاسد - للخالق على المخلوق، واعتمدوا في المطالب الإلهية على قياسي الشمول والتمثيل. ومن المعلوم ضرورة: أن الرب جل في علاه لا يدخل تحت قضية كلية يستوي فيها أفرادها، ولا يدخل تحت قياس تمثيل يستوي فيه الأصل مع الفرع. بل لا يستعمل في حق الخالق إلا قياس الأولى لقوله تعالى: (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى) (?).
فكل كمال ثبت للمخلوق فهو ثابت للخالق على وجه يليق به سبحانه من باب الأولى، وكل نقص تنزّه عنه المخلوق، فالخالق يتنزه عنه ويتعالى عليه من باب أولى.
وأما جمهرة العلماء من أهل السنة وعلوم سلف الأمة الذين قام الكتاب بهم وبه قاموا، والذين نطق الكتاب بهم وبه نطقوا، والذين أعلوا راية التوحيد وبها علوا.
فقالوا: إن الأفعال - معقولة المعنى - تتصف بالحسن والقبح الذاتي، وصفاتها ذاتية وليست إضافية.