وقال رحمه الله: "فما أبقى الله عز وجل حسناً إلا أمر به وشرعه، ولا قبيحاً إلا نهى عنه وحذر منه، ثم إنه سبحانه أودع في الفطر والعقول الإقرار بذلك فأقام عليها الحجة من الوجهين، ولكن اقتضت رحمته وحكمته أن لا يعذبها إلا بعد إقامتها عليها برسله، وإن كانت قائمة عليها بما أودع فيها، واستشهدها عليه: من الإقرار به وبوحدانيته، واستحقاقه الشكر من عباده بحسب طاقتهم على نعمه، وبما نصب عليها من الأدلة المنوعة المستلزمة إقرارها بحسن الحسن وقبح القبيح" (?) أ. هـ.

وقال ابن الوزير: "ومن ذلك (?) قوله تعالى حاكياً عن الأشقياء: (لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ) (?). وقوله في غير آية: (وأنتم تعقلون) (?)، (وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ). فإنها وأمثالها تدل على معرفتهم بعقولهم قبح ما هم عليه وبطلانه معاً. إذ لو عرفوا بطلانه بها دون قبحه لم تقم عليهم الحجة، وإنما أرسل الرسل لقطع عذرهم لكيلا يقولوا ما حكى الله تعالى عنهم وذلك لزيادة الإعذار؛ لأنه لا أحد أحب إليه العذر من الله تعالى، لا لأنه لا حجة عليهم قبل الرسل أصلاً.

ولذلك صح عند أهل السنة أن تقوم حجة الله بالخلق الأول في عالم الذر - على ما سيأتي بيانه - وذلك قبل الرسل، ولم يختلفوا في صحته، وإنما اختلفوا في وقوعه" (?) (?) أ. هـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015