وجعل السماء بناء وسقفاً فذكر أرض العالم وسقفه، ثم ذكر إنزال مادة أقواتهم ولباسهم وثمارهم، منبهاً بهذا على استقرار حسن عبادة من هذا شأنه وتشكره الفطر والعقول، وقبح الإشراك به وعبادة غيره" (?) أ. هـ.
وقال ابن تيمية: "وأيضاً: ففي القرآن في مواضع كثيرة يبين لهم قبح ما هم عليه من الشرك وغيره بالأدلة العقلية، ويضرب لهم الأمثال، كقوله تعالى (قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ، سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) وقوله: (أَفَلا تَتَّقُونَ) وقوله: (فَأَنَّى تُسْحَرُونَ) فهذا يقتضي أن اعترافهم بأن الله هو الخالق يوجب انتهاءهم عن عبادتها، وأن عبادتها من القبائح المذمومة" (?) أ. هـ.
العقل والفطرة حجة في بطلان الشرك، والرسالة حجة في بطلانه ووجوب العذاب عليه:
فلله الحجة البالغة على المشركين في كل زمان ومكان. فقد فطر الفطر وجبل العقول على: توحيد ربوبيته المستلزم لتوحيد إلهيته، وأنه يستحيل فيهما أن يكون معه إله سواه، وقامت حجة الله على عباده بما استودع في فطرهم وعقولهم، إلا أن حكمته ورحمته اقتضت أن لا يعذبهم حتى يقيم عليهم حجته برسله، وإن كانت قائمة على خلقه بما صبغ فطرهم وجبل عقولهم عليه من: حسن توحيده ووجوبه، وقبح الشرك به وحرمته.
قال ابن القيم: "فلله الحجة البالغة على المشركين في كل وقت، ولو لم يكن إلا ما فطر عباده عليه من توحيد ربوبيته المستلزم لتوحيد إلهيته، وأنه يستحيل في كل فطرة وعقل أن يكون معه إله آخر، وإن كان سبحانه لا يعذب بمقتضى هذه الفطرة وحدها، فلم تزل دعوة الرسل إلى التوحيد في الأرض معلومة لأهلها، فالمشرك يستحق العذاب بمخالفته دعوة الرسل. والله أعلم (?) أ. هـ.