أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً) (?).
ولو خالف العقل لم يكن كذلك، وكان كلام هؤلاء الضالين المضلين أصدق منه.
وأخبر أن القلوب تطمئن به أي: تسكن إليه من قلق الجهل والريب والشك كما يطمئن القلب إلى الصدق، ويرتاب بالكذب فقال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (?).
وجعل هذا من أعظم الآيات على صدقه وأنه حق من عنده. ولهذا ذكره جواباً لقول الكفار (لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) فقال: (قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ) (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ). أي: بكتابه الذي أنزله وهو ذكره وكلامه، ولو كان في العقل الصريح ما يخالفه لم تطمئن به قلوب العقلاء.
والعاقل اللبيب إذا تدبر القرآن، وتدبر كلام هؤلاء المعارضين له تبين: أن الريبة كلها في كلامهم، والطمأنينة في كلام لله ورسوله.
وأخبر سبحانه أن التوراة - التي هو (?) أكمل وأجل منها - إمام للناس. فقال تعالى: (وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً) (?).
والإمام هو: القدوة الذي يؤتم به. وكيف يقتدى بكلام يخالف صريح العقل.
وسماه سبحانه فرقاناً؛ لأنه فرق بين الحق والباطل، فلو خالف صريح العقل لم يكن فرقاناً. ولكان الفرقان كلام هؤلاء الضالين المضلين.