بيوتهم، ووسَّع المسجد بقدر الحاجة حينئذٍ، وأخَّر المقام،، وزاد مَنْ بعده في توسعة المسجد لِيُخْلُوا المسجدَ القديم للطائفين.
ثم لا نعلم: كثُر الحجّاجُ والعمّار بعد ذلك بقدر ما كثروا في هذه السنين. والنظر ينفي ذلك، كما تقدم أولَ الرسالة.
وكانوا إذا كثروا في سنة لم ينتظر أن تستمر مثل تلك الكثرة فيما يليها من السنين.
وكان المقام في القرون الأولى بارزًا، لم يكن عليه بناء، ولا بالقرب منه بناء.
فكان من السهل على الطائفين عند الكثرة أن يطوفوا من ورائه، وَيكُفَّ غيرُهم في ذاك الوقت عن الصلاة خلفه؛ إذ كان يغلب على الناس معرفة أن إيذاء الطائف والمصلي خلف المقام لغيره حرام، وأن المندوب والمستحب إذا لزم من فعله مكروه ذهب أجر, فكيف إذا لزم منه الحرام؟ وأن من ترك المندوب اجتنابًا للمكروه أو الحرام ثبت له أجر ذلك المندوب أو أعظم منه.
وما نُقِل عن ابن عمر (?) رضي الله عنهما من المزاحمة على استلام الحجر الأسود، إنما معناه: أنه كان يتحمل إيذاء الناس له، إن آذاه أحد منهم، ولا يؤذيهم هو، بل كان ينتظر حتى يجد فُرجةً أخرى فيتقدم، وهكذا. وكان جمهور الصحابة وأفاضل التابعين يتجنبون المزاحمة.
****