العلة في عهده، لم يمنع الصحابة من تأخيره عند تحقّق العلّة من بعده، فهكذا هذا, ولا يختلف الحال بقصر المدّة وطولها.

على أنّه لو فرض أنّ هذه العلّة تحقّقت بتمامها فيما بين عصر الصحابة وعصرنا، ففي أيّ عصر؟

وهل استكملت بالسكوتِ حينئذٍ شرائط الإجماع؟

وقد ذكر ابن حجر الهيتمي في "تحفته" (?): أنّ الحاكم النيسابوري - وهو من أكابر القرن الرابع، ولد سنة 321 - قال عند ذكر الحديث في النهي عن الكتابة على القبور: "ليس العمل عليه؛ فإنّ أئمة المسلمين من المشرق إلى المغرب مكتوبٌ على قبورهم، فهو عملٌ أخذ به الخلف عن السّلف".

فردّه ابن حجر وقال: "ويُرَدُّ بمنع هذه الكلية وبفرضها، فالبناء على قبورهم أكثر من الكتابة عليها في المقابر المسبّلة، كما هو مشاهد، لا سيّما بالحرمين ومصر، وقد علموا بالنهي عنه، فكذا هي.

فإن (?) قلت: هو إجماع فعليّ، وهو حجة، كما صرّحوا به.

قلت: ممنوع، بل هو أكثريٌّ فقط، إذ لم يُحفَظ ذلك حتّى عن العلماء الذين يرون منعه.

وبفرض كونه إجماعًا فعليًّا، فمحلُّ حجيته - كما هو ظاهر - إنّما هو عند صلاح الأزمنة، بحيث ينفذ فيها الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015