غير موافقٍ، فالأوَّل قد ثبت له حكم الإِسلام اتِّفاقًا. والثاني الذي يكثر وجوده من صوره هو مَنْ كان آباؤه متلبِّسين بتلك الأمور التي تراها شركًا، فتقول: آباؤه مشركون فكيف يحُكم له بالإِسلام تبعًا لهم؟
فاعلم أن هذا لا بدَّ أن يكون أحدُ أجداده كان كافرًا فأسلم فثبت له حكم الإِسلام كما مرّ، وقد يكون هذا الجدُّ تلبَّس بتلك المحدثات، وسيأتي، وقد لا يكون تلبَّس بها فكان مسلمًا اتِّفاقًا، وتبعه ابنه في الإِسلام ثم ابن ابنه، وهكذا إلى أوَّل جدٍّ تلبَّس بالمحْدَثات. فأوَّلُ جَدًّ تلبَّس بالمحْدَثات إما أن يكون هو الذي دخل في الإِسلام، وإما أن يكون ابن رجل مسلم لم يتلبس بها، وعلى كلا الحالين قد ثبت لهذا الجدِّ حُكْمُ الإِسلام اتفاقًا، ومَنْ ثبت له حكم الإِسلام فالأصل بقاؤه عليه ولا يخرج عنه إلا بحجَّةٍ واضحةٍ. وقد علمت أن من قَبِلَ الإِسلام ثم جهل وأخطأ بما هو شرك قد يُعْذَرُ، ولا يظهر حَدٌّ لذلك إلا قيام الحجَّة كما سيأتي. فذلك الجدُّ الذي ثبت له حكم الإِسلام لا يخرجه عنه تلبُّسه بتلك المحدثات ما لم تعلم قيام الحجة عليه، وأنت لا تعلم ذلك، فبقي على إسلامه، فيتبعه ابنه في الإِسلام، فيبقى له حكمه وإن تلبس بتلك المحدثات، وهكذا.
وهبك أثبتَّ قيام الحجَّة على أحد الآباء فإنَّك لا تعلم قيامها على الأمِّ فَبقِيَتْ على حكم الإِسلام فتبعها ولدها. وهَبْكَ أثبتَّ قيامها على الأبوين فلعلَّها إنما قامت عليهما بعد العلوق بالولد وثبوت حكم الإِسلام له، وهَبْكَ أثبتَّ قيامها على الأبوين قبل العلوق بالولد فقد قال بعض أهل العلم كالشافعيَّة: إنه إذا كان في أصول الطفل المعروفة سلسلةُ نسبِه إليهم مسلمٌ حُكِمَ للطفل بالإِسلام وإن كان ذلك الأصلُ قد مات قبل زمانٍ طويلٍ وكان