وهذه الدراسة الجامعة التي قامت على قواعد التحقيق العلمي (؟!) هي الأولى في موضوعها, لم ينسج أحدٌ من قبل على منوالها". وكرر الإطراء في مقدمته وخاتمته.
وكنتُ أحبّ له لو ترفَّع عن ذلك وترك الكتاب يُنْبِئ عن نفسه، فإنه - عند العقلاء - أرفع له ولكتابه إن حمدوا الكتاب، وأخفّ للذمِّ إذا لم يحمدوه.
بل استجراه حرصُه على إطراء كتابه إلى أمور أكرهها له، تأتي الإشارة إلى بعضها قريبًا إن شاء الله.
كان مقتضى ثقته بكتابه وقضاياه أن يدعو مخالفيه إلى الردِّ عليه إن استطاعوا، فما باله يَتَّقيهم بسلاح يرتدُّ عليه وعلى كتابه، إذ يقول ص 14: (وقد ينبعث له من يتطاول إلى معارضته ممن تعفَّنت أفكارهم وتحجَّرت عقولهم) (?).
ويقول في آخر كتابه: (وإن تضق به صدور الحشوية وشيوخ الجهل من زوامل الأسفار، الذين يخشون على علمهم المزوَّر من سطوة الحق، ويخافون على كساد بضاعتهم العفنة التي يأكلون بها أموال الناس بالباطل، أن يكتنفهم ضوء العلم الصحيح، ويهتك سترهم ضوء الحجة البالغة (?)، فهذا لا يهمنا, وليس لمثل هؤلاء خَطَرٌ عندنا ولا وزنٌ في حسابنا).
أما أنا فأرجو أن لا يكون لي ولا لأبي ريَّة ولا لمتبوعيه عند القرّاء خَطَرٌ ولا وزن، وأن يكون الخَطَر والوزن للحقّ وحده.