النكاح على المكارمة. وأوضح من هذا كلِّه أن في الحديث: "ثلاثٌ جِدُّهن جِدٌّ، وهزلُهن جِدٌّ: النكاح والطلاق والرجعة" (?). ففرَّق بين هذه الثلاث وبين غيرها كالبيع.

على أن تعيين الضابط إنما هو للشارع، فإذا لم يظهر من الكتاب وجب الرجوع إلى السنة، فنجدها قد ضبطت التراضي بحصول أحد أمرين بعد الإيجاب والقبول: إما اختيار اللزوم، وإما أن يستمرَّا على ظاهر حالهما من التراضي مدةَ اجتماعهما ويتفرقا على ذلك. ولا يخفى على المتدبر أن هذا بغاية المطابقة للحكمة. أما اختيار اللزوم، فواضح أنه بيَّن في استحكام التراضي. وأما الاستمرار على ظاهر الحال من التراضي والتفرق على ذلك، فلأن الغالب أنه إذا كان هناك هزل أو سبق لسان أو استعجال أن يتداركه صاحبه قبل التفرق، ولا سيَّما إذا علم أن التفرق يقطع الخيار.

فبان بهذا أن الحديث مفسِّرٌ للآية التفسيرَ الواضح المطابق للحكمة، لا مخالفٌ لها كما زعم الكوثري. وراجع "تفسير ابن جرير" (?). ويؤكد هذا المعنى ما في "سنن أبي داود" (?) وغيرهما من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعًا: "المتبايعان بالخيار ما لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015