اندفع ما رُجِّح به المعنى الأول، وترجَّحَ المعنى الثاني، فيكون الاستثناء متصلاً، كما هو الأصل. والله أعلم.
وقوله تعالى: {عَنْ تَرَاضٍ} نصٌّ في اشتراط رضا كلًّ من المتبايعين. والرضا معنى خفي، وسنة الشارع في مثله أن يضبطه بأمر ظاهر منضبط يشتمل على المعنى الذي عليه مدارُ الحكمة كالرضا ها هنا، فيكون مدار الحكم على ذاك الضابط، فما هو الضابط ها هنا؟
بنى الأستاذ على أنه الصيغة، أي الإيجاب والقبول، كما في النكاح. وذلك مدفوع بوجهين:
الأول: أن الصيغة قد عُلِمت بقوله: "تجارة".
الثاني: أنها ليست بواضحة الدلالة على الرضا، إذ قد تكون عن هزل أو سبق لسان أو استعجال، قبل تمكُّن الرضا من النفس، ويكثر وقوعه ويتكرر، ويكثر التغابن لكثرة الجهل بقيمة المثل؛ بخلاف النكاح فإنه قد لا يقع في العمر إلاَّ مرة، ويحتاط الناس له ما لا [2/ 50] يحتاطون للبيع.
والشارع يتشوَّف إلى تثبيت النكاح ما لا يتشوَّف إلى تثبيت البيع. جاء في الحديث: "أبغضُ الحلال إلى الله الطلاقُ" (?)، وجاء فيه: "من أقال نادمًا بيعته أقال الله عثرتَه يوم القيامة" (?). ومبنى البيع على المشاحَّة، ومبنى