حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ترد روايته. قد ذكرنا آنفًا قولَ مالك بن أنس، ويجب أن يُقبل حديثه إذا ثبتت توبته".
ولم يذكر في ذلك خلافًا، وقد روى ابنُ أبي حاتم عن أبيه: أن يحيى بن المغيرة سأل جريرَ بن عبد الحميد عن أخيه أنس بن عبد الحميد، فقال: قد سمع من هشام بن عروة، ولكنه يكذب في حديث الناس، فلا تكتب عنه".
وفي "النخبة" وشرحها (?) ما يفيد أن الكذب في الكلام أشدّ إسقاطًا للراوي من الزنا مثلًا.
فأما القبول بعد ثبوت التوبة فقد خالف فيه الصيرفي - فيما قيل - وهو من أجلّة النُّظار، فعنه أن الكاذب في غير الحديث النبوي كالكاذب فيه في أن لا تُقبل روايته أبدًا وإن تاب (?).
ويتأكّد هذا في الكذب في الرواية لأقوال أهل العلم من الصحابة والتابعين وغيرهم من أهل العلم، وما يتصل بذلك مما فيه توثيق راوٍ أو جرحه، أو ذمّ عالمٍ أو مدحه، وقريبٌ من هذا قول تابع التابعي.
وتوثيق الراوي يكون تثبيتًا لمروياته، فإن كان فيها كذب كان التوثيق تثبيتًا للكذب في عدة أحاديث نبوية، فالكذب في ذلك التوثيق أشدّ من الكذب في حديث واحد.