فإنَّ العادة كالمقاضية (?) بأنّ مراده أنَّه سيفعل إذا لم يعرض له ما يغيّر رأيه.
وأمَّا الفجور في الخصومة فمعناه: أنَّه يفتري على خصمه ويَبْهَتُه بما ليس فيه، وذلك هو الكذب.
وحسبُك أنّ الإنسان المعروف بالكذب قد سَلَخَ نفسه من الإنسانية، فإنَّ من يعرفُه لم يَعُد يَثِقُ بخبره، فلا يستفيد النَّاس منه شيئًا، ومَن لم يعرفه يَقَعُ بظنِّه صدْقَهُ في المفاسد والمضارّ، فأنت ترى أنَّ موت هذا الرجل خيرٌ للنّاس من حياته، وهَبْهُ يتحرّى من الكذب ما لا يضرُّ فإنَّه لا يستطيع ذلك، ولو اسْطَاعَهُ لكان إضراره بنفسه إذ أفقدها ثقة الناس به. على أنَّ الكذبة الواحدة كافيةٌ لتُزَلْزِلَ ثقةَ الناس به.
في "الصحيحين" (?) من حديث أم كلثوم بنت عقبة عن النّبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: "ليس الكذَّابُ الذي يُصِلحُ بين الناس، ويقول خيرًا أو ينمي خيرًا".
قال الحافظ في "الفتح" (?): "قال العلماء: المراد هنا أنَّه يخبر بما عَلِمَه من الخير، ويسكت عمَّا علِمَه من الشرّ، ولا يكون ذلك كذبًا".
وزاد مسلمٌ (?) في رواية: "قال ابن شهاب: ولم أسمع يرخَّص في شيء ممَّا يقول النّاس كذبٌ، إلاَّ في ثلاثٍ: الحرب، والإصلاح بين الناس،