فالقائل إنه يكفيهم التقليد يقول: إن الشارع أمرهم بتقليد الخاصة، واكتفى منهم بذلك، وقس عليه.

وقولكم: "بل الأمر بعكس ذلك" تشيرون به إلى ما جاء في الكتاب والسنة مما يوهم الجهة.

والجواب: أنها محمولة على المجاز، وقد بيَّن أصحابنا ذلك في كتبهم، فأما الخاصة فإن ذلك لا يشتبه عليهم؛ لما لديهم من القرائن العقلية والنقلية، كما تقدم.

وأما العامة فعلى ما تقدم، فلنبنِ (?) على القول الرابع أو الخامس، فيسقط اعتراضكم ألبتة.

قال السعد التفتازاني في "شرح المقاصد" (?): ["فإن قيل: إذا كان الدين الحق نفي الحيَّز والجهة، فما بال الكتب السماوية والأحاديث النبوية مُشعرة في مواضع لا تُحصى بثبوت ذلك، من غير أن يقع في موضع منها تصريحٌ بنفي ذلك؟ ... أجيب: بأنه لما كان التنزيه عن الجهة مما تقصر عنه عقول العامة حتى تكاد تجزم بنفي ما ليس في الجهة، كان الأنسب في خطاباتهم، والأقرب إلى اصطلاحهم، والأليق بدعوتهم إلى الحق ما يكون ظاهرًا في التشبيه وكونِ الصانع في أشرف الجهات، مع تنبيهات دقيقة على التنزيه المطلق عما هو من سمات الحدوث ... "].

قال الآخرون: أما القول بكفاية التقليد فقد فتشنا فوجدنا عامة المسلمين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015