بقي قول ذاك المتحذلق - ما معناه -: ذاك الشيء إما واجب الوجود، فيلزم تعدد الواجب، وإما ممكن، فأشياء الذات ممكنة، فهي ممكنة.
وجوابه: أن ذات الرب عزَّ وجلَّ يستحيل عليها الانقسام، فالذات واجبة، وما هو من الواجب فهو واجب.
وهذا التعدد الموهوم ليس هو التعدد المنافي للتوحيد، فإن الذات واحدة، وذلك أن قولنا في الشيء المفروض الإشارة إليه: إنه واجب، إنما معناه أنه من ذات واجبة، فثبت له حكم الوجوب.
وقد يمكن تقريب هذا بأن يقال: زيد مولود، ورأسه منه، فالرأس مولود، وهكذا قلبُه وكبده، فهل يلزم من هذا أن يكون زيد عدة مولودين؟
هذا، ونستغفر الله ونتوب إليه مما اضطررنا إليه في هذا الفصل مما لا يخلو عن جرأة على الله تعالى وتهجُّم على ما لا ينبغي، وقد كان يكفينا وإياكم أن نعرف أنه تبارك وتعالى موجود حيٌّ قديرٌ مريدٌ عليمٌ حكيمٌ بما تقدم من الأدلة، ثم نعرف النبوة، ثم نتبع كتاب الله وسنة رسوله، فإنه [ص 54] لا أحد أعرف بالله من نفسه، ثم من رسله.
قال الأولون: ما نراكم أنصفتم في اختيار قول من قال: إن المكان أمرٌ عدمي، ولا تدبر (?) المجوِّز أن المكان موجود واجب الوجود (?) والربّ محتاج في وجوده إليه ما يَرِد عليه من اللوازم الشنيعة، ولا أنصفتم في قولكم: إن وجوب الشيء المفروض الإشارة إليه لا يستلزم تعدد الواجب.