فالذات محتاجة إلى الشيء المفروض الإشارة إليه منها، وذاك الشيء ليس هو إياها فهو غيرها، فالذات محتاجة إلى غيرها.
قلنا: قولكم: "إلى غيرها .. " وهم، فإن المفهوم من قولكم: "غيرها" أنه ليس شيئًا منها، فإنك لو قلت: في يدي شيء غير هذا القلم، ثم فسرت ذلك بشيء من القلم لأنكر عليك.
وفي "شرح المقاصد" (2/ 76) في تفسير المتغايرين: "وتفسيرهما (?) بالشيئين أو الموجودَين أو الاثنين فاسد ... قال صاحب "التبصرة": وكذلك تفسيرهما بالشيئين من حيث إن أحدهما ليس هو الآخر يصدق على الكل مع الجزء، كالعشرة مع الواحد، وزيد مع رأسه، مع أنه لم يقل أحد: يكون الجزء غير الكل إلا جعفر بن حارث من المعتزلة، وعُدّ ذلك من جهالاته؛ لأن العشرة اسم للمجموع، يتناول كلّ فرد مع أغياره، فلو كان الواحد غير العشرة لصار غير نفسه؛ لأنه من العشرة ولن تكون العشرة بدونه".
وإذا كان هذا في الواحد من العشرة، فكيف برأس زيد مثلًا؟! فكيف بشيء من ذات الباري تبارك وتعالى، والانقسام فيها مستحيل؟!
فإن قلتم: دعوا قولنا: "غيرها"، ونقول: إن الذات من حيث هي ذات تامة محتاجة في تمامها إلى الشيء المفروض الإشارة إليه منها.
قلنا: حاجة الذات إلى شيء منها هو في معنى حاجتها إلى نفسها, وليس في هذا ما ينافي وجوب الوجود.