فصل

اعلم أن في كلام المتكلمين جنايات كثيرة على الإسلام، ولها أسباب:

الأول: عدم رسوخهم في معرفة الإِسلام، فربما نسبوا إليه ما هو بريء عنه، ثم لِزمَتْهم لوازم منافية للإسلام، فمنها ما يلتزمونه، ومنها ما يتمحَّلون لدفعه بأقوال يأباها (?) العقل وينكرها الإِسلام.

الثاني: أنه ربما يحتجون بحجَّة لم يذكرها الإسلام، ولا ما هو في معناها، فتُدْفَع بِمَدافع تُلْجئهم إلى هدم شيء من الإسلام، وإلى أقوالٍ يأباها العقل وينكرها الإِسلام.

الثالث: أن في الإسلام مسائل يتعذَّر أن يُدْرَك بمجرّد العقل ثبوتُها أو انتفاؤها، فيحاول هؤلاء أن يحتجّوا عليها، فيُلْزَمون، فيَدْفَعون، فيقعون فيما يخالف الإِسلام، و ... (?).

[ص 18] وأما المتصوِّفة، فقد كان في عهد التابعين زُهَّادٌ على طريقة السلف، ثم لم يزل في كل عصر متزهدون، ولم يكونوا على طريقة واحدة، بل كانوا مختلفين بحسب اختلاف الفِرَق المعروفة في زمانهم، فمنهم المحافظ على طريقة السلف، ومنهم الخارجي، والشيعي، والمعتزلي، والجهمي، بل ومنهم من يُنْسب إلى الزندقة والباطنية، ثم صار منهم الحنبلي، والمعتزلي، والأشعري، والمتفلسف، وغير ذلك.

ثم أكثرهم مصرِّحون بأن في طريقهم أخطارًا ومغالط يضلّ بها أكثر سالكيها، وأن عامة كلامهم ألغاز ورموز لا يعرفها إلا من سلك طريقهم،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015