لما شرع في مطالعة السنة صنف كتاب "إلجام العوام عن علم الكلام" ولعله لو مُدّ في عمره حتى يتمكَّن في معرفة السنة لتَحَنْبَل (?).
[ص 17] وبالخلق الثالث تراه يُحَسِّن التصوفَ للمتفلسفين، ويوهِمُ في بعض كلامه أن المتصوّفة يعتقدون بعض العقائد التي يزعم المتفلسفون أنها قطعية، ويدعو المتفلسفة إلى التزام العبادات الشرعية ولو على وجه الاحتياط إلى غير ذلك.
والمقصود هنا أنه بيّن أن الكلام لا يقنع، والفلسفة لا تشفي، وظهر من رجوعه إلى مطالعة السنة أنه وجد التصوف لا يغني.
لكن هؤلاء الأكابر لم يرجعوا حتى ملؤوا الدنيا كلامًا, ولم يلتفت الناس إلى رجوعهم، كما لم يلتفتوا إلى رجوع الأشعري.
والمقصود هنا أن هؤلاء الأكابر قد زَهِدوا فيما شحنوا به كتبهم من الكلام والفلسفة، وساء ظنُّهم به، وتبرؤوا عنه، فوجب أن لا يُغترّ به لمجرَّد نسبته إليهم.
****