على شاطئها أياماً، ويهلل الله ويمجده. قلنا: من تظنه؟ قال: أظنه الخضر، عليه السلام. فغاب عنا فلم ندر كيف أخذ. قال: وكنت أخرجت معي عدة من الغواصين فغاصوا في الماء، فرأوا حباً من صفر مطبقاً رأسه مختوماً برصاص، فأمرت به ففتح، فخرج منه رحل من صفر على فرس بيده رمح مطرد من صفر، فطار في الهواء وهو يقول: يا نبي الله لا أعود! ثم غاصوا ثانية وثالثة فأخرجوا مثل هذا، فضجوا خوفاً من قطع الزاد. فأخذت الطريق التي سلكتها أولاً حتى عدت إلى قيروان، والحمد لله الذي حفظ لأمير المؤمنين أموره وسلم له جنوده والسلام.
قال: فلما قرأ عبد الملك كتاب موسى، وكان عنده الزهري، قال له: ما تظن بأولئك الذين صعدوا السور؟ قال الزهري: يا أمير المؤمنين لأن لتلك المدينة جناً قد وكلوا بها! قال: فمن أولئك الذين يخرجون من الحباب ويطيرون؟ قال: أولئك مردة الجن الذين حبسهم سليمان بن داود، عليه السلام، في البحار؛ هذا ما رواه ابن الفقيه.
وقال أبو حامد الأندلسي: دور مدينة النحاس أربعون فرسخاً وعلو سورها خمسمائة ذراع فيما يقال. ولها كتاب مشهور في كتابها أن ذا القرنين بناها، والصحيح أن سليمان بن داود، عليه السلام، بناها. وليس لها باب ظاهر وأساسها راسخ، وان موسى بن نصير وصل إليها في جنوده، وبنى إلى جانب السور بناء عالياً متصلاً به، وجعل عليه سلماً من الخشب متصلاً بأعلى السور، وندب إليه من أعطاه مالاً كثيراً. وأن ذلك الرجل لما رأى داخل المدينة ضحك وألقى نفسه في داخل المدينة، وسمعوا من داخل المدينة أصواتاً هائلة، ثم ندب إليه آخر وأعطاه مالاً كثيراً وأخذ عليه العهد أن لا يدخل المدينة ويخبرهم بما يرى، فلما صعد وعاين المدينة ضحك وألقى نفسه فيها، وسمعوا من داخلها أصواتاً هائلة أيضاً، ثم ندب إليه رجلاً شجاعاً وشد في وسطه حبلاً قويا، فلما عاين المدينة ألقى نفسه فيها فجذبوه حتى انقطع الرجل من وسطه. فعلم أن