مشهورة الذكر.
قال ابن الفقيه: ذهب العلماء الأقدمون إلى أن مدينة النحاس بناها ذو القرنين وأودعها كنوزه وطلسمها، فلا يقف عليها أحد، وجعل في داخلها حجر البهتة وهو مغناطيس الناس، فإن الإنسان إذا وقف حذاءه جذبه كما يجذب المغناطيس الحديد، ولا ينفصل عنه حتى يموت، وانه في مفاوز الأندلس.
ولما بلغ عبد الملك بن مروان خبر مدينة النحاس وخبر ما فيها من الكنوز، وان إلى جانبها بحيرة فيها كنوز كثيرة وأموال عظيمة، كتب إلى موسى بن نصير عامل المغرب، وأمره بالمصير إليه والحرص على دخولها، وان يعرفه حالها، ودفع الكتاب إلى طالب بن مدرك، فحمله إلى موسى وهو بالقيروان، فلما قرأه تجهز وسار في ألف فارس نحوها، فلما رجع كتب إلى عبد الملك: بسم الله الرحمن الرحيم. أصلح الله الأمير صلاحاً يبلغ به خير الدنيا والآخرة. أخبرك يا أمير المؤمنين أني تجهزت لأربعة أشهر وسرت في مفاوز الأندلس، ومعي ألف رجل، حتى أوغلت في طرق قد انطمست ومناهل قد اندرست، وعفت فيها الآثار وانقطعت عنها الأخبار، فسرت ثلاثة وأربعين يوماً أحاول مدينة لم ير الراؤون مثلها، ولم يسمع السامعون بنظيرها. فلاح لنا بريق شرفها من مسيرة ثلاثة أيام، فأفزعنا منظرها الهائل وامتلأت قلوبنا رعباً من عظمها وبعد أقطارها. فلما قربنا منها إذا أمرها عجيب ومنظرها هائل، فنزلنا عند ركنها الشرقي ثم وجهت رجلاً من أصحابي في مائة فارس وأمرته أن يدور حول سورها ليعرف بابها، فغاب عنا يومين ثم وافى اليوم الثالث فأخبرني انه ما وجد لها باباً ولا أرى إليها مسلكاً، فجمعت أمتعة أصحابي إلى جانب سورها وجعلت بعضها على بعض لأنظر من يصعد إليها فيأتيني بخبر ما فيها، فلم تبلغ أمتعتنا ربع الحائط لارتفاعه، فأمرت عند ذلك باتخاذ السلالم وشد بعضها إلى بعض بالحبال، ونصبتها إلى الحائط، وجعلت لمن يصعد إليها ويأتيني بخبر ما فيها عشرة آلاف درهم، فانتدب لذلك رجل من أصحابي يتسنم ويقرأ ويتعوذ. فلما صار على سورها