أن الزمان ما فسد لكن القياس قد اطرد. وقال البديع:

همذان لي بلدٌ أقول بفضله ... لكنّه من أقبح البلدان!

صبيانه في القبح مثل شيوخه ... وشيوخه في العقل كالصّبيان!

توفي البديع سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة.

وأنشد عبد الله بن محمد بن زنجويه لنفسه في بعض الصور المطلسمة، وقد ذكرنا كل واحدة منها في موضعها بشرحها:

أأرقت للبرق اللّموع. اللاّئح ... وحمائمٍ فوق الغصون صوادح؟

بل قد ذهلت بليث غابٍ دائباً ... مذ كان عن همذان ليس بنازح

موفٍ على صمّ الصّخور كأنّه ... يبغي الوثوب على الغزال السّائح

تمضي الدّهور وما تروم فريسةً ... نعل الطّمرّ الكسرويّ القارح

شبديز إذ هو واقفٌ في طاقه ... يعلوه برويزٌ بحسنٍ واضح

برويز عن شبديز ليس برائحٍ ... واللّيث عن همذان ليس بنازح

وكذا بتدمر صورتان تناهتا ... في الحسن شبّهتا ببدرٍ لائح

لا يسأمان عن القيام، وطالما ... صبرا على صرف الزّمان الكالح

وبأرض عادٍ فارسٌ يسقيهم ... بالعين عذباً كالفرات السّائح

في الأشهر الحرم العظيمة حقّها ... يغنون عن شرب الزّعاق المالح

فإذا انقضى الشّهر الحرام تطفّحت ... تلك الحياض بماء عين الدّافح

وبأرض وادي الرّمل بين مهامهٍ ... يلقاك قبل الحتف نصح النّاصح

طرفٌ هنالك باسطٌ بيمينه ... أن ليس بعدي مسلكٌ للسّائح

خذها إليك مقالةً من صادقٍ ... فيها عجائب من صحيح قرائح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015