قيل: جاء في الحديث عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن الله تعالى على رأس كل مائة يبعث من يجدد دينه. فذكر الأصحاب انه على رأس المائة عمر ابن عبد العزيز، وعلى المائتين محمد بن ادريس الشافعي، وعلى الثلاثمائة أبو العباس أحمد بن سريج، ونظم هذا المعنى بعض أهل العلم فقال:
إثنان قد مضيا وبورك فيهما: ... عمر الخليفة ثمّ خلف السّؤدد
الشّافعيّ الألمعيّ محمّدٌ ... إرث النّبوّة وابن عمّ محمّد
وابشر أبا العبّاس إنّك ثالثٌ ... من بعدهم، سقياً لتربة أحمد
فقام رجل في مجلس أبي الطيب سهل الصعلوكي، وأنشد تلك الأبيات وألحق بها:
والرّابع المشهور سهلٌ بعدهم ... أضحى إماماً عند كلّ موحّد
لا زال فيما بيننا علم الهدى ... للمذهب المختار خير مؤيّد
فسكت الشيخ وغمه ذلك وتوفي في تلك السنة.
حكى أبو سعيد الشحامي قال: رأيت أبا الطيب الصعلوكي في النوم بعد وفاته فقلت: أيها الشيخ! فقال: دع الشيخ! قلت: وتلك الأحوال التي شاهدتها؟ قال: لم تغن عنا شيئاً! قلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي بمسائل كانت تسألها العجائز! وينسب إليها أبو سعيد بن أبي عثمان الخركوشي. كان من مشاهير علماء خراسان بالعلم والزهد والورع وحسن الطريقة. صنف كتباً كثيرة في العلوم الشرعية، وبنى مدرسة ودار مرضى، ووقف عليهما أملاكاً كثيرة. وفي آخر عمره اختار الفقر، وكان يأكل من كسب يده: يعمل القلانس ويبيعها خفية حتى لا يدرى أنها عمله.
حكى أبو الفضل محمد بن عبد الله الصرام قال: رأيت الأستاذ أبا سعيد