بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مقدمة

ــــــــــــــــــــــــــ

منذ وفاة والدي الشيخ محمد البشير طالب الإبراهيمي- رحمه الله- في 20 مايو 1965، لم تفارقني ذكراه في حلي وترحالي، وفي يقظتي ومنامي، وذلك لأن العلاقة بيننا لم تكن تلك العلاقة التقليدية بين الابن وأبيه، أو بين التلميذ وأستاذه، بل كانت أقوى من ذلك بكثير، فقد كان بالنسبة لي أبا وأستاذا وصديقا ورائدا ومثلا أعلى أقتدي به، وأستنير برأيه في كل خطواتي، ولذلك فإن صدمتي بفقده جعلتني لا أستطيع الكتابة عنه طوال ثلاثين سنة، باستثناء المقدمة التي كتبتها للطبعة الثانية لـ "عيون البصائر"، بإلحاح شديد من شاعر الجزائر الكبير المرحوم محمد العيد آل خليفة (1).

وكنت طوال هذه المدة أستلهم كل أعمالي وأقوالي من تربيته وتوجيهاته، وأحاول في كل المسؤوليات التي تقلدتها أن أنهج نهجه، وأنسج على منواله في حبه للجزائر، والإسلام، والعربية. وفي تفانيه للدفاع عنها بكل ما أوتي من قوة حتى آخر رمق من حياته، وكنت أشعر وكأنه- رحمه الله- من وراء حجب الغيب يوجه خطاي للعمل الدؤوب في خدمة البلاد والعباد، وفي إرساء المبادئ السامية التي كافح من أجلها لتعيش الجزائر حرة عزيزة كريمة في كنف العدالة الاجتماعية.

وإني وإن كنت لم أستطع الكتابة عنه طيلة هذه السنوات، فإني عملت على جمع آثاره في طبعة أولى (2)، بدأت تظهر منذ السبعينات في أربعة أجزاء، بالإضافة إلى الجزء الذي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015