تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ، يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ، إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} الآية 71 من سورة التوبة.
ومعنى هذه الآية الكريمة الجامعة أن الإصلاح وقبول الإصلاح واجب على كل مؤمن ومؤمنة.
لكن قيادة العمل الإصلاحي للجماعات والشعوب والأمم لا يتولاه إلا من أوتي الأمانة والكفاءة أسوة بما جاء في القرآن الكريم على لسان يوسف عليه السلام، إذ رشّح نفسه ليتحمّل مسؤولية شؤون المالية والاقتصاد بأرض مصر بعد أن أحس بتقدير الملك لمواهبه. قال الله تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي، فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ، قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} الآيتان 54 - 55 من سورة يوسف.
وقد أوتي القائد الثاني للحركة الإصلاحية في الجزائر الأستاذ الإبراهيمي- مثل سلفه ابن باديس- من شروط القيادة ما يجعله بحق يحظى بمكانة مرموقة في فقه الإسلام وعلومه، وملك ناصية اللغة وأدبها وفنونها، واستيعاب تاريخ الأمة الإسلامية ومذاهبها، في شؤونها الدينية والاجتماعية، فاستحق بكل ذلك وغيره من الكمالات، العضوية في المجامع العلمية واللغوية بدمشق والقاهرة وبغداد، وتقدير الأوساط العلمية والأدبية والسياسية في بلده الجزائر وفي المغرب والمشرق.
وقد قال فيه الفيلسوف المرحوم الأستاذ منصور فهمي حينما استمع إلى محاضراته: "إن هذا المنبر الذي يقف فيه الشيخ ساحة مقدسة، ينبغي أن يدخلها الناس كما يدخلون الحرم، وقال: إنه لم يسمع ولم يرَ- في حياته- من هو أفصح أو أبلغ من الشيخ الإبراهيمي، ودعا جميع العلماء والأدباء في الوطن العربي إلى أن يلقوا إليه مقاليد اللغة والبيان، ثم خاطب الشيخ قائلًا: "أنت ملك العربية لهذا العصر، ملكت ناصيتها ونواصينا"، وبعد ذلك أعلن الأستاذ كامل الكيلاني المبايعة.
وكتب الإمام الشهيد سيد قطب في البصائر- العدد 214، في 7 جمادى الأولى 1372هـ/ 23 يناير 1953م- مقالًا ينوّه فيه بجهاد جمعية العلماء ورئيسها الشيخ الإبراهيمي، جاءفيه:
"لقد وجّه الاستعمار همّه في الجزائر إلى سحق العقيدة وسحق اللغة، وعن هذا الطريق كاد يصل إلى غايته، فلما انتفضت الجزائر بالحياة كانت العقيدة هي المشعل الذي أضاء لها الطريق، وكانت اللغة هي الحبل الذي تتماسك به الجموع الشاردة في الظلام.