بَلَغَ ... } وقوله (131): {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى (132) وَمَنْ حَوْلَهَا ... }، {كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ، فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ (133) ... }، {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ (134) بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ، وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا (135)}، وقوله: {لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ} (136)، {لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا} (137)، وقوله (138): {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ (139)}، {وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ}: هو نتيجة لما قبله لأن شأن الإنذار أنه يدعو إلى التأمل وإعمال الفكر، والتأمل يستتبع الفهم، أي وليعلموا، بعد إنذار القرآن إياهم عواقب الجهل بالله والشرك به وبعد تأمّهم وتدبّرهم في دلائل القرآن وحججه، علمًا يقينيًا ما لم يكونوا يعلمونه، أو كانوا يعلمونه علمًا مشوبًا بالشكوك والأوهام، وهو أن الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما، وسخر الشمس والقمر دائبين (140)، وسخّر الليل والنهار، إله واحد لا شريك له في ذاته وصفاته وأفعاله، ولا يشاركه مخلوق في شيء من الخلق والتدبير.

ولا شك أنّ أول ما جاء به القرآن ووضّحه، وأعاد القول فيه وأبدأ، وأقام عليه الأدلة التفصيلية، وأحال عباده فيه على عقولهم ووجداناتهم، هو التوحيد.

{وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}: أصلُه وليتذكر، أدغمت التاء في الذال لتقاربهما في المخرج، والتذكر تفعُّلٌ من الذكر الذي هو ضد النسيان، والمراد من الذكر هنا ذكر القلب لأنه الذي يقابل بالنسيان، بخلاف ذكر اللسان الذي أصبح فتنة للمسلمين فإنه عمل جارحة، وهو فعل يُقَابَل بالترك، وإنما طالبنا الله أن نذكره بقلوبنا ولأنفسنا لنستشعر دائمًا عظمته وجلاله، ونخافه ونرجوه، فيكون ذلك مدعاةً للوقوف عند حدوده، وذلك هو نهابة الكمال الإنساني.

ولما كان الشيطان (141) بالمرصاد لهذا الآدمي، وكان هذا الشيطان قد أعطى الله العهد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015