وسمعته محاضرًا كالسيل الهادر، وخبرته ثائرًا لا يقر له قرار، ما دام للاستعمار أثر في ديار الإسلام، وعرفته داعية صادقًا للإسلام في صفائه وإشراقاته، ومبشرًا بسمو مبادئه، وعرفته حكيمًا حازمًا في إدارة الجلسات، وإدراك ما يدور فيها من اقتراحات ومناقشات، يضع كلا في نصابه ومكانه المناسب مما جعل له في نفسي مكانة لا تبارى، ومنزلة في الذؤابة لا تجارى ... هو المصلي في الميدان والمبرز بين الأقران" (42).
كل أولئك أهَّله لدخول المجمع العلمي بدمشق، ومجمع اللغة العربية بالقاهرة، ومجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، ولو لم ينهكه المرض، ويشغله جهاد الجزائر، وما يوجبه عليه من سعي دائب لدعمه وحشد التأييد له؛ لكانت مساهمته في المجمعين متميزة، فهو "من بقايا حراس لغة العرب" (43). ورغم ذلك فقد "كنا نعول التعويل كله على مساهمته والإفادة من علمه وفضله" (44).
وإذا كانت العادة قد جرت بأن يُهَنَّأَ المختارون لعضوية مثل هذه المؤسسات، فإن الأستاذ محمود جبر- شاعر آل البيت، وشاعر جمعية الشبان المسلمين- قد خرق هذه العادة، وهنأ مصر والمجمع اللغوي بذلك الاختيار، فكتب مخاطبًا الإمام الإبراهيمي: "أَشُدُّ على يدك، فخورًا بك، وأهنئ مصر بتوفيقها إليك .. إن نسبة المجمع اللغوي إليك فخر له وذخر ... فأنت موسوعة الموسوعات، ومعهد العلماء، وحسن الأدب وحقيقته" (45).
محمد الهادي الحسني
البليدة (الجزائر)، 28 أكتوبر 1996.