أما المهمة الأخرى التي قام بها الإمام الإبراهيمي في سفارته إلى المشرق، فهي السعي لدى حكوماته لقبول عدد من الطلبة الجزائريين في معاهد بلدانها وجامعاتها، وتخفيف العبء في هذا الميدان عن جمعية العلماء. ويبدو أن هدف الإمام في هذا المجال ليس- فقط- حصول أولئك الطلبة على نصيب من العلم ومقدار من المعارف، ولكنَّه- أيضًا- ربط الصلة بينهم وبين لِدَاتهم في الدول العربية الأخرى، ونَقْبُ ذلك السور الذي ضربته فرنسا بين أبناء الجزائر وإخوانهم في البلدان العربية والإسلامية، فالتعارف مدعاة للتآلف، والتناكر مدعاة للتخالف، وقد واصلت الثورة الجزائرية تنفيذ هذه الفكرة.
وقد أسفرت جهوده في هذا الميدان على قبول أكثر من 200 طالب جزائري في معاهد وجامعات مصر والعراق، وسوريا والكويت والسعودية (27).
كما استطاع أن يحصل على الاعتراف بشهادات جمعية العلماء، "ومن نِعم الله علينا- ثم بفضل مساعي الأستاذ الرئيس- أن اعترفت المعاهد الشرقية رسميًا بالشهادات التي تعطيها جمعية العلماء ومؤسساتها لتلاميذنا، وجعلها مساوية لمثيلاتها من المعاهد الرسمية التي تشرف عليها الحكومات الإسلامية تونس، ومصر، وسوريا، والعراق" (28).
إن ذلك الاعتراف لم يكن مجاملة للجمعية ولرئيسها، فما في العلم من مجاملة، وليس الإمام الإبراهيمي بالذي يقبل المجاملة في العلم. فالاعتراف- إذن- هو نتيجة اقتناع مسؤولي التربية والتعليم في تلك الدول بجهود جمعية العلماء في هذا الميدان، واعتراف بفعالية تنظيمها، وجدية نظامها والمستوى الجيد لطلابها ومعلميها.
وقد تمكن الإمام الإبراهيمي أن يزود معهد الإمام عبد الحميد بن باديس بمجموعة من الكتب، منها ألف مجلد تبرع بها الأمير سعود بن عبد العزيز ولي عهد المملكة العربية السعودية (29). وذكر الدكتور جميل صليبا- أحد تلامذة الإمام الإبراهيمي في دمشق بين سنتي 1917 - 1920 - أنه جمع لفائدة جمعية العلماء- بطلب من الإمام- "عددًا كبيرًا من الكتب المدرسية وغير المدرسية"، ولاحظ الإمام أن ما جُمع ليس بينه مجلة واحدة فقال: "إن المجلات تهمه أكثر من الكتب، لأنها تعبر عن الحركة الأدبية والنشاط الفكري أكثر