عندنا، وأمانة عمر في ذمتنا، وعهد الإسلام في أعناقنا فلئن أخذها اليهود منا ونحن عصبة. إنا إذًا لخاسرون" [ص:445].
وضاعت فلسطين منا حين "قسمت بالتصويت وهو أضعف صدى، وعلى الأوراق وهي أنزر جدًا، وبالأغلبية السائرة على غير هُدى تحديًا للعرب الذين كانوا في ذلك المجلس أضعف ناصرًا، وأقل عددًا " [ص:453].
ما أبرع الإبراهيمي، وما أروع أسلوبه الرمزي القرآني هذا في التأثير على قارئه ... وأنّى لهذا القارئ أن يدرك كنه هذه الرموز وأبعادها، إن لم يكن مدركًا للقرآن، معتادًا على إعجازه البياني، وبرهانه الرَّبَّاني! ... تلك إذن هي الأداة المعرفية الضَّرورية الأولى لمن يروم قراءة "عيون البصائر".
إن في البنيوية اللغوية، للخطاب الإبراهيمي، لَسرًا عميقًا، هو الذي يجليه السحر البياني، الذي يأخذ من النحو العربي شروحَهُ، ومن المجاز البلاغي وضوحه ومن الفقه الديني طروحَه، ليبعَثَ الكل في سمو إشارة، ودقة عبارة.
وهل يستطيع القارئ العادي أن يدرك هندسة هذه العبارات، وفلسفة تلك الإشارات، إن لم يكن معدًا إعدادًا ثقافيًا دقيقًا عميقًا؛
ذلك هو العائق المعرفي الذي يصطدم به فاقد التكوين الثقافي، في قراءته للنص الإبراهيمي في "عيون البصائر"، فمن أول استهلال تطالعنا به "عيون البصائر"، إلى آخر التسابيح الشعرية ممثلة في "سجع الكهان"، ومرورًا "بالقضية ذات الذَّنب الطويل"، و"عادت لعترها لميس"، و"الشك في الإيجاب نصف السلب"، "وإبليس ينهى عن المُنكر"، و"كلمات مظلومة" ... إلخ. كلها مقالات يجب أن تقرأ بعقل مفتوح، وقريحة وقادة، مزودة بزاد ثقافي خاص. وإن من متطلبات هذه الاستعدادات، ضرورة استحضار قاموس موسوعي متعدد الاختصاصات للتغلب على عقَبة الفهم.
وإنَّنا لنتساءل- بكل موضوعية: لمن كان يكتب الإبراهيمي هذه المقالات، إذا علمنا المستوى الثقافي السائد آنذاك، في الجزائر على الخصوص، وحظ الجزائر من العربية في ذلك الحين!!؛؛
وإنه لممَّا يبعث فينا النخوة، والعزة، أن ردود فعل هذه المقالات، فاقت كل تصور في داخل الجزائر وخارجها، مما يدلل على تفوق النوع الثقافي على الكمي، وهو ما يمثله علماء