تغنِ عنهم قوّتهم شيئًا فأصبحوا يلتمسون أنواعًا من التكتّل مع القريب ومع الغريب، فهذه انكلترا تتكتّل، وهذه أمريكا، وهذه روسيا ... فكيف لا يتكتّل الضعفاء.
إننا ضعفاء، ومن القوة أن نعترف بأننا ضعفاء، لأن من كتم داءه قتله، فمن الواجب علينا أن لا نتعاظم بالكذب، ما دمنا لا ننال إلا الفتات من مائدة الحياة.
...
أيها الإخوان!
إذا حدّثتكم عن الإسلام، أو أجريته على لساني، فلست أعني هذه المظاهر الموجودة بين المسلمين، وإنما أعني تلك الحقائق التي سعد بها أصحاب محمد وأسعدوا بها العالم، تلك الحقائق التي سارت الإنسانية على هداها قرونًا فما ضلّت عن سبيل الحق ولا زاغت، إنما أعني تلك الآداب التي صحّحت العقل والفكر، وصحّحت الاتجاه والقصد، ووحّدت القلوب والشواعر. فإن أردتم أن تستبدلوا السعادة بالشقاء فعودوا إلى ذلك الطراز العالي المتّصل بالسماء، إن السعادة منبثقة من النفوس، وان الشقاء لكذلك، وإن إرادة الإنسان هي زمامه إلى الجنة أو إلى النار.
إن أول من يجب عليه أن يؤذن بهذا الصوت جهيرًا مدويًا هم علماء الإسلام، فكل عالم مسلم لا يدعو إلى اتحاد المسملين، وإلى إحياء حقائق الإسلام العالية، وإلى إسعاد الشرق بها فهو خائن لدينه، ولأمانة الله عنده. وإن العالم المسلم الذي يسكت عن كلمة الحق في حينها والذي لا يعمل لإقامة الحق، ولا يرضى أن يموت في سبيل الحق، جبان، والجبن والإيمان لا يلتقيان في قلب مؤمن.
إن عهد الله في أعناق علماء الدين لعهد ثقيل، وان أمانة الإسلام في نفوس علمائه لعظيمة، وإنهم لمسؤولون عليها يوم تنشر الصحائف في هذه الدار، وفي تلك الدار.
...
أيها الإخوان!
إن الكلام لطويل، وإن الوقت لقصير، فليكن آخر ما نتواصى به: الحق والصبر والاتحاد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.