خطاب أمام الوفود العربية والإسلامية
في الأمم المتحدة *
في مساء الثلاثاء29 جانفي 1952 أقامت شعبة جمعية العلماء بباريس مأدبة عشاء بنزل "العالَمين" (دو موند) في شارع الأوبرا على شرف الوفود العربية والإسلامية في منظمة الأمم المتحدة، وقد ألقيت في هذا الحفل ثلاث خطب: الأولى للأستاذ عبد الرحمن عزام الأمين العام لجامعة الدول العربية، والثانية للأستاذ محمد البشير الإبراهيمي رئيس علماء الجزائر، والثالثة للأستاذ فارس الخوري رئيس الوفد السوري.
وقد ألقى الأستاذ الإبراهيمي خطبته ارتجالًا ولخّصها الأستاذ أحمد بن سودة تلخيصًا وافيًا بحيث لم يند عنه إلا القليل من ألفاظها ومعانيها:
ــــــــــــــــــــــــــــــ
حضرات أصحاب المعالي الوزراء،
حضرات أصحاب السعادة والعزة،
حضرات الزملاء حملة الأقلام،
حضرات الإخوان:
هذه ليلة ارتفعت فيها الكلف، وغاب عنها العواذل، وغفل عنها الرقباء- إن شاء الله- فاسمحوا لي أن أخرج عن الوضع المتعارف في رسوم الخطاب، فأنا بصفتي رجلًا مسلمًا دينيًا أمثل الإسلام في بساطته وسماحته واعتباراته الروحية، يحلو لي أن أخاطبكم بما جاء به الإسلام في آدابه الراقية، ومثله العليا، وهو وصف الأخوة.
إن النبوّة هي أكمل الخصائص الإنسانية، وأشرف المواهب الإلهية، ولكن الله حين يرفع ذكر الأنبياء يضعهم في الدرجة الأولى من معارج الرقي، وهي درجة العبودية لله، فمحمد عبد الله قبل أن يكون رسوله، وفي القرآن: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ}، {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ}.