الدعاء ولهذا سألت عائشة- رضي الله عنها- عن صيغة تدعو بها تلك الليلة. وقد بيَّن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- لزوجه الكريمة عليه صيغة الدعاء، فيتعين أن يكرر المسلم هذا الدعاء ليلة القدر وأن يفضله على ما سواه لأنه لفظ أفضل الخلق الذي علمه لأحب زوجاته.
ثم هذا يؤكد ما قدمناه من أن ليلة القدر تراد للدين لا للدنيا، وكثير من العوام يتمنى لو يعلم ليلة القدر ليطلب بها دنياه فلتب إلى الله من وقع له هذا الخاطر السيء. فإن الله يقول في كتابه العريز: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ}. وكثير من العوام يعتقدون في بعض البيوتات الغنية أن مؤسس ذلك البيت رأى ليلة القدر فسأل الله أن يجعل ماله ونسله خيرا من مال الناس ونسلهم فكان ذلك ثم يجعلون هذه الميزة الدنيوية دليل (?) على ولاية ذلك الداعي وصلاح ذريته.
وحديث عائشة- رضي الله عنها- وآية من كان يريد حرث الآخرة وما في معنى ذلك من الآيات والآثار شاهدة بفساد ذلك الاعتقاد وضلال تلك الأفكار، وأن الفرق بين التقي والفاجر هو الإقبال على الآخرة أو الإقبال على الدنيا.
ولسنا ننكر على من يطلب الدنيا بأسبابهها التي جعلها الله تعالى وإنما ننكر على من يكون همه الدنيا دون الآخرة حتى أنه يترصد ليلة القدر ليطلب فيها الدنيا غافلا عن الآخرة. ثم يعتقد أن من نال ثروة دنيوية بغير أسباب ظاهرة ليديه فإنما ذلك لولايته ودعائه ليلة القدر!.