قد ينبثق الفرعان من أصل واحد ويهبط الإخوان من صلب واحد وتجمعهما رحم واحدة ويعيشان عيشة واحدة ثم يكون هذا في مستوى وهذا في مستوى دونه بمنازل.
ما ذلك الإختلاف مع ذلك الإتفاق إلا لسر في النفس هو خفي كحقيقة النفس ..
وهذه القصة التي ننقلها عن ابن أبي الحديد في الأخوين الكريمين الشريفين العظيمين: أبي الحسن الرضي وأبي القاسم المرتضى- عبرة بالغة في ذلك. قال: "حكى أبو حامد بن محمد الأسفرايني الفقيه الشافعي، قال: كنت يوماً عند فخر الملك أبي غالب محمد بن خلف وزير بهاء الدولة وابنه سلطان الدولة "من بني بويه" فدخل عليه الرضي أبو الحسن فأعظمه وأجله ورفع من منزلته وخلى ما كان بين يديه من القصص والرقاع وأقبل عليه يحادثه إلى أن انصرف، ثم دخل بعد ذلك المرتضى أبو القاسم- رضي الله عنه- فلم يعظمه ذلك التعظيم ولا أكرمه ذلك الإكرام وتشاغل عنه برقاع يقرأها وتوقيعات يوقع بها فجلس قليلاً وسأله أمراً فقضاه ثم انصرف.
قال أبو حامد: فتقدمت إليه وقلت: أصلح الله الوزير، هذا المرتضى هو الفقيه المتكلم صاحب الفنون وهو الأمثل والأفضل منهما، وإنما أبو الحسن شاعر. قال فقال لي إذا انصرف الناس وخلا المجلس أجبتك عن هذه المسألة وكنت مجمعاً على الإنصراف فجاءني أمر لم يكن في الحساب، فدعت الضرورة إلى ملازمة المجلس إلى أن انفضَّ الناس